القرآن خير كتاب أنزله الله تعالى على خير البشر إلى خير أمة. وبه تحيا القلوب وتطيب النفوس، من تعاهده بالحفظ والتلاوة أضاء الله روحه، ونور له دربه، وطرق تحفيظ القرآن للأطفال متعددة، وتعتمد طريقة كل شيخ على تجاربه السابقة والثمرة المحقَّقة من الطريقة المُتَّبَعة. لكن لماذا نهتم بتحفيظ الأطفال القرآن؟
محتويات
لماذا تقرأ القرآن؟
بالقرآن نتحصّل الفوائد الدنيوية والأخروية، ومن فوائد تلاوة القرآن:
- القرآن نتعبد بتلاوته، وكل حرف فيه بحسنة والحسنة بعشر أمثالها ويضاعف الله ما يشاء.
- القرآن هو شفيعنا يوم الدين يوم لا ينفع مال ولا بنون، وهو حجة لنا أو علينا.
- من يقرأ القرآن فإن جزاءه في الدنيا ألا يضل ولا يذق ضنك العيش، وجزاءه في الآخرة ألا يشقى ولا يحشر أعمى، كما قال تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) [طه:124].
- فيه هداية البشر، قال تعالى: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ..) [الإسراء: 9].
- بالقرآن تطمئن القلوب، قال تعالى: (أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد: 28].
- يهدي إلى الرشد كما قال تعالى: (يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ) [الجن: 2].
وبالتجارب الفعلية فإن القلوب تهدأ بالقرآن والنفوس تطمئن بالقرآن، كما أن حفظه وُجد له أثر عجيب في تقوية الذاكرة والذكاء، فهلمّوا يا عباد الله إلى حفظ كتاب الله وشجعوا أولادكم على حفظه لتفوزوا في الدنيا والآخرة.
طرق تحفيظ القرآن للأطفال
كان السائد قديمًا أن يُحفِّظ المشايخ الأطفال القرآن بطريقة التلقين والتكرار، فيقرأ الشيخ الآية أو جزءًا منها، ويكررها الأطفال خلفه، وهكذا مرارًا وتكرارًا حتى يثبُت الحفظ، ويعود الطفل إلى بيته يعيدها مرات ومرات ويراجع ما سبق، ويأتي ليتلو على الشيخ ما حفظه وراجعه.
وهذه طريقة مُثلى في التحفيظ أتت ثمارها ونجحت نجاحًا باهرًا؛ خاصة مع الطفل الصغير.
لكن هناك تفاصيل دقيقة في طرق تحفيظ القرآن للأطفال تسهّل عليهم الحفظ وتجعله وقت استمتاع؛ فيقبلون عليه راغبين.
كيف يكون تحفيظ القرآن للأطفال متعة؟
نحتاج إلى جيل محبِّ للقرآن يهرول إلى حفظه لأن فيه سعادته، وعليك بعض المهمات لتصل بالطفل إلى ذلك.
ذكرهم بنعمة الله عليهم : فليبدأ الشيخ المتقن حلقته بتذكير الأطفال بأنهم ما أتوا إلى هذا المكان إلا بنعمة الله وفضله، وهذا دليل حب الله لهم، أو اذكر حديثًا واحدًا في كل مرة عن فضل القرآن واجتماع الناس لتلاوته وتدبره، فتكون جذبت انتباههم وشحذت أذهانهم.
سهِّل الأمر : اقرأ للطفل وخاصة السن الصغير كلمة كلمة وكررها قليلًا واجعله يستمع ثم اطلب منه قراءتها وصححها له حتى يتمكن من مجرد قراءتها، ثم اقرأ الكلمة التي تليها واتبع الطريقة نفسها، ثم ضم الكلمتين معًا وليكررهما الطفل، وهكذا حتى تنتهي من ثلاثة أسطر مثلًا، فيتشجع الطفل ويفرح بما أنجزه.
الصوت الحسن : مما يجذب الطفل إليك وإلى قراءتك ويجعله محبًا للقرآن هو التلاوة العذبة، قال ﷺ (لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يتَغَنَّ بِالْقُرْآن، يَجْهَرْ بِهِ)، وهي دعوة منه صلى الله عليه وسلم إلى تحسين الصوت أثناء التلاوة ورفع الصوت بها، شرط ألا نؤذي غيرنا.
قصار السور : البدء بقصار السور عند تحفيظ القرآن للأطفال، فإذا ما فطنوا واستطاعوا استيعاب الحكي والتلذذ بالقصص، انتقلنا معهم إلى السور ذات القصص مثل سورة مريم والكهف ويوسف وغيرها، فتحكي جزءًا من القصة وتقرأ آياتها من السورة، فيصير الطفل شغوفًا باستكمال الحفظ لتستكمل حكي القصة.
ثَبِّت طبعة ورسم المصحف : يجب أن يلتزم الطفل عند حفظه لكتاب الله بمصحفه، أو يغيره ولكن بنفس الطباعة، فمثلًا مصحف المدينة هو أفضل طباعة مناسبة للحفظ؛ إذ تبدأ الصفحة ببداية آية وتنتهي بنهاية آية، وذلك أدعى لانطباع صورة المصحف وآياته في الذهن.
التحفيز : مما يحبب الأطفال في الحفظ، وينتظرون ساعته ووقته هو تحفيزهم المستمر وبطرق إبداعية مختلفة، فيتلهف الطفل على المجيء متحمسًا ومترقّبًا لنوع الحافز كل يوم.
فيكون الحافز ببعض الحلوى، أو اللعب بعض الوقت، أو التلوين، أو وضع ملصقات على الأيدي علامة على التميز، إلى غير ذلك مما يجذب الأطفال.
المنافسة : من الطرق المُجدية في تحفيظ القرآن للأطفال هو تحفيظ طفلين معًا أو أكثر والتسابق على التركيز وشحذ الذهن لحفظ أسرع، ويثاب المتسابق الفائز أولًا، ثم يثاب المتسابق الآخر على فوزه بالمحاولة، فالمجتهد فائز لا شك.
المراجعة والتثبيت : ما من شك أن تثبيت المحفوظ خير من حفظ ما لم يُحفظ كما علمنا مشايخنا، فاجعل نصف وقتك مع الأطفال للمراجعة أو اجعل لها ثلثي الوقت، فقد قال النبي ﷺ: (تَعَاهَدُوا القُرْآنَ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَهُوَ أَشَدُّ تَفَلُّتًا مِنَ الْإِبِلِ فِي عَقِلِهَا).
نصيحة للوالدين الراغبين في تحفيظ القرآن للأطفال
- ابدأ بنفسك واجعل لك وِردًا تقرؤه يوميًا فيعتاد الطفل رؤية اهتمامك بالقراءة والحفظ.
- افتح محطة إذاعة القرآن الكريم، أو قناة التلفزيون على القرآن ليستمع الطفل إليه، ويعتاد السماع.
- تابعه واسأل الشيخ عنه وساعده لكي يقرأ ويحفظ دون ترهيب أو إهانة ليشبّ على حب القرآن.
- لا تستعجل حفظه، الأمر في بدايته يكون صعبًا ثم يسهل، لا تجعله يتجاوز السورة دون إتقان إلا إذا كان سيضجر ويصاب بالملل، فيمكن حينها تجاوز السورة إلى التي بعدها.
- راجع معه السورة كاملة بعد حفظها على أجزاء؛ ليتحقق الترابط.
- كافئه بحفلة متواضعة تشجيعًا له بعد إتمام حفظ كل جزء، ولا سيما لو أحضرت هدية صغيرة بعد حفظ كل سورة.
- املأ قلبه بحب النبي وحب القرآن واذكر له قول الرسول ﷺ: “المَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الكِرَامِ الْبَرَرَة وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ لَهُ أَجْرَانٌ” عندما يجد صعوبة أو فتورًا.
الأخطاء المتبعة في تحفيظ القرآن للأطفال
- ضرب الطفل وعقابه للذهاب للحفظ، أو لبطئه.
- القراءة الخطأ، فالقراءة الأولى تثبُت؛ لذا يجب الاستعانة بشيخ متقن.
- ترك المراجعة.
- مقارنة الطفل بغيره، وهذا غير المنافسة، فالمقارنة تهز ثقته بنفسه وتضعف همته.
بأي مرتبة يكون تحفيظ القرآن للأطفال؟
مراتب تلاوة القرآن ثلاث:
- التدوير أو التحقيق وهي قراءة أكثر هدوءًا واطمئنانًا من الترتيل، وهي القراءة بالتجويد.
- الترتيل: وهي القراءة بتدبر واطمئنان مع الاهتمام بنطق الحروف من مخارجها الصحيحة، والالتزام بأحكام التلاوة.
- الحدر: وهي الإسراع في القراءة لكن مع الالتزام بأحكام تلاوة القرآن وكذا المخارج.
وأفضل تلك المراتب في مقام التعليم هي التدوير أو التحقيق، ليتبيّن الطفل المخارج ويتحقّق من الكلمة ويسمعها جيدًا ولا يبدّل حرفًا فيها.
وأفضلها في القراءة الترتيل، فاقرأ به إن أردت الاطمئنان والتدبر.
وإذا أردت تكثير الحسنات فاقرأ حدرًا، وانتبه من تفويت الغُنن أو المدود أو تغيير الحركات.
للقرآن حلاوة لا يذوقها إلا من أنعم النظر في آياته، وزادتهم تلاوته إيمانًا، والناس أصناف فمنهم من يقرأ القرآن لا يجاوز حناجرهم، ومنهم من يتدبرون آياته ويسبحون في عذب آيات الله المحكمة، فاقرأ وارتق فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها.
جاهد في تحفيظ القرآن للأطفال فأنت المستفيد الأول قال ﷺ:
(مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَعَمِلَ بِما فِيهِ، أُلْبِسَ وَالِدَاهُ تَاجًا يَومَ الْقِيَامَةِ، ضَوءُهُ أَحسَنُ مِن ضَوْءِ الشَّمسِ فِي بُيُوتِ الدُّنيَا لَو كَانَتْ فِيكُم، فَمَا ظَنُّكُم بِالَّذي عَمِلَ بِهَذا).
وسيأخذ طفلك حظه في الدنيا والأخرة أيضًا لقول النبي ﷺ:
“إنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِن النَّاس”، قَالوا يَا رَسُولَ اللَّه: مَنْ هُم؟ قَالَ: “هُم أَهْلُ الْقُرْآنِ أَهْلُ اللَّهِ وخَاصَّتُهُ”.