أين نزلت سورة القلم


لما كان الكفار يحتاجون إلى تأديب وزجر وتوعد بالعذاب، نزلت سورة القلم بسبب تطاولهم على النبي الأعظم ﷺ فكانت السورة دفاعًا عنه ﷺ وبيانًا لمكانته ولألوان العذاب التي سيتعرض لها الكفار.

سورة القلم من أوائل السور التي نزلت على سينا محمد ﷺ فقيل إنها السورة الثانية بعد سورة العلق وقيل إنها الرابعة.

سميت سورة القلم بسورة (ن) لأنها بدأت به وهو من الحروف المقطعة التي بدأت بها بعض السور.

مكان نزول سورة القلم

نزلت سورة القلم في مكة المكرمة على قلب سيدنا محمد ﷺ، وبدأت بالقَسَم بالقلم دلالة على أهمية العلم وترغيبًا فيه، ثم دافعت مباشرة عن سيدنا رسول الله ونفت ما كانوا يتهمونه به من جنون حاشاه ﷺ، ثم ذمّت الكافرين وعتوهم وكفرهم بعدما مَنَّ الله عليهم بالمال والجاه والبنين، وشبههم بأصحاب القرية الذين جحدوا نعمة الله ونسوا شكره، فألحق بهم صنوف العذاب جزاءً لكفرهم، وهكذا عذاب الله لمن يخالف أوامره، ثم يذكر جزاء المتقين وما هُيئ لهم من نعيم ينتظرهم، ثم شدَّد اللوم على الكافرين.

وأنهى السورة بأن موعدهم يوم المحاكمة، يوم يعظم الهول ويشتد الكرب، وهنالك تجتمع الخصوم وينال كلٌ جزاءه، ويوجه الله نصحه إلى النبي ﷺ بألا يتعجل النصرة ويصبر على الدعوة مذكرًا إياه بقصة سيدنا يونس عليه السلام ثم تنتهي الآيات ببيان حال المشركين وحسدهم وكرههم ثم يطيِّب الله قلب نبيه ﷺ وينفي ما يرمونه به بل يمدحه بأنه شرف للعالمين من الثقلين الإنس والجن.

شاهد أيضًا:  آيات عن صلة الرحم في القرآن الكريم

أسباب نزول سورة القلم

  • نزلت سورة القلم لعدة أسباب، وأول تلك الأسباب تأكيد صدق دعوة النبي ﷺ إذ كانوا يكذبونه ويكذبون ما جاء به ويصرفون الناس عنه ويتهمونه. وإن الله ناصر نبيه ومؤيده، فما كان أذاهم وكفرهم وصَلَفِهم إلا وَبَالًا عليهم وسيرمي بهم في الجحيم.
  • اتهم الكفار النبي بأنه ساحر وبأنه شاعر وبأنه مجنون، ودحض الله في سورة القلم ادعاءهم الباطل في قوله (مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ) وكان هدفهم من ذلك اتهامه بادعاء النبوة.
  • على الرغم من معرفة كفار قريش بأن النبي هو الصادق الأمين فإنه عندما بدأ يدعوهم أنكروا دعوته، واتهموه بما اتهموه، وتناسوا ما كان يتحلى به من صفات، فجاءت السورة تذكرهم بأن أخلاق النبي رفيعة وهو ليس بمتّهم، فقال تعالى (وإنَّكَ لعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ).
  • كشف الله سِتر الكفار في سورة القلم حينما أرادوا أن يصيبوا النبي ﷺ بالحسد، فقال تعالى (وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ) فكانوا قد أتوا برجل معروف بشدة حسده، ليُصَعِّد النظر في النبي ﷺ ويحاول إيذاءه بالحسد فكان يقول ما رأيت أحدًا في جماله ولا حجمه، ولكن الله عصم نبيه، وفضحهم في نهاية السورة.
شاهد أيضًا:  تفسير قوله تعالى : (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ)

ملمح مهم في سورة القلم

  • أقسم الله تعالى بالقلم وما يسطرون، لخطورة ما تسطِّره الأقلام، فكل ما يُكتَب من العباد مؤيَّدٌ عند رب العباد، فنحن نسطر والملائكة تسطر أيضًا خلفنا، فلينتبه كل منا إلى ما يكتبه وليعلم أن هناك رقيبًا عتيدًا يسجّل كل ما يصدر عنا.
  • فضحت سورة القلم أحد الكفار، وما كان الله ليفضحه إلا بعد أن أصر على عناده وكفره وتكبره، فقد كان سيدًا في قومه، فأظهر الله أن نسبته لأبيه مكذوبة وأنه ولد زنا. فالله يعفو ويصفح، يمهل وينذر، يحلُم ويحذّر، ثم إذا تمادى العبد لا يُفلِته الله.

فقد يفضحه على رؤوس الأشهاد أو يؤجل عذابه للآخرة، قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: (إِنَّ اللَّه لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ فَإِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ، ثُمَّ قَرَأَ: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

سورة القلم مليئة بالعبر، فاللهم لا تجعلنا نغترّ بحلمك وعفوك، واجعلنا من عبادك الأوَّابين.