علم اللهُ آدمَ الأسماء كلها، ومما علمه الله لنبينا آدم، أسماء جميع النباتات، وذكر الله سبحانه بعضها في القرآن الكريم، إما لإعجازها الشفائي وإما استشهادًا وإما ضربًا للأمثال، وحتى أن بعض السور بدأت بأسماء نباتات، وهناك نباتات ذكرت في القرآن وقد أقسم الله بها.. فهيا نتعرف عليها في وقفة تدبّرية.
محتويات
اعتبار من خلق الله للنبات
هناك نباتات ذكرت في القرآن، منها ما هو معروف لدينا ومنها ما نجهله، وهو ملمح للإنسان ليفيق من غفلته، ويتوقف عن عتوه وإفساده في الأرض، فمعلوم أن الكون مسخّر للإنسان، ولكن هناك الكثير من مخلوقات الله الحية التي تعيش في ملكوت الله، وتتأثر بما يعيثه الإنسان في الأرض، فلينتبه كل غافل أنه يخرب ما سخره الله له لنفعه واستفادته واستمتاعه.
ومن خلال تدبر الآيات نجد أن الله تعالى يذكر دائمًا الأرض مع النبات فمنها يخرج النبات وينبُت، لكن يذكر التراب مع الإنسان، فهو أصل خلقة الإنسان.
معنى النبات في القرآن
وردت كلمة النبات ومشتقاتها في القرآن 26 مرة، بمعانٍ وأوجه أربعة وضحها المفسرون الأجلاء.
المعنى الأول: ويُقصَد به النبات نفسه، كما في قوله تعالى: (فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا).
المعنى الثاني: ويُقصَد به الإخراج من الأرض، كما في قوله تعالى: (كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ).
المعنى الثالث: ويُقصَد به الخلق، كما في قوله تعالى: (وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأرْضِ نَبَاتًا).
المعنى الرابع: ويُقصَد به التربية، كما في قوله تعالى: (وَأَنْبَتَها نَباتًا حَسَنًا).
أسماء نباتات ذكرت في القرآن
جمع الباحثون النباتات التي ذُكرت في القرآن الكريم ووجدوها أكثر من 30 نباتًا، ومنها:
- (بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا) وردت الآية في سورة البقرة، والفوم هو الثوم أو الحنطة.
- (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ) اللذان أقسم الله بهما في مطلع سورة التين.
- (فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّان) وردت الآية في سورة الرحمن.
- (وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِين) وردت في سورة الصافات، واليقطين هو القرع.
- (وَعِنَبًا وَقَضْبًا) وردت في سورة عبس، والقضب هو العلف الرطب الذي يأكله الحيوان.
- (كأسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلَا) وردت في سورة الإنسان، والزنجبيل نبات يستخدم في علاج كثير من الأمراض.
- (وَفَاكِهَةً وَأَبًّا)، وردت في سورة عبس، والأبّ هو ما تأكله الأنعام من الثمار.
- (فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ) وردت في سورة الواقعة، والسدر المخضود أي ثمر السدر الخالي من الشوك، والطلح: الموز.
إلى غير ذلك من النباتات التي ذكرت في القرآن، منها ما كان وصفًا للنعيم في الجنة، ومنها ما كان طعام أهل النار، ومنها ما كان سؤال قوم موسى في الآية: ( وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَن نَّصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا) ورد عليهم موسى عليه السلام بـ (قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَىٰ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ ۚ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ)، وليس في هذا ذم لهذه الأطعمة كما قال ابن عباس، ولكن هم طلبوا ما ليس بعزيز، فإن نزلوا أي مصر من الأمصار لوجدوا ما طلبوا، وما احتاجوا إلى رفع الأمر إلى رب السماوات وكأنه طلب عزيز.
اختلاف النباتات دليل على قدرة الله
إن الله قد نوّع المطاعم والمشارب، وأبدع في صنع النبات، إذ أخرجه حيًا من الأرض الموات، بعد نزول المطر، فكان خضرًا، ثم أخرج ثمرًا، فأكل منه إنسان وحيوان وطير، ونوّع في ألوانه وأشكاله فكان مظهرًا للزينة والجمال، وعدّد خصائصه فكان دواء ومنه الشفاء.
فسبحان من يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته، أرأيت كيف أن نباتات ذكرت في القرآن، فتحت آفاقًا للتأمل والاستبصار والاعتبار!