آيات الرضا في القرآن الكريم آيات مهمة لنستشعر أثر الرضا بالقدر وقيمته. فكما نعلم إن الرضا بقضاء الله وقدره أمر مهم وصعب في الوقت ذاته، فعلى المسلم أن يستعين بالله -عز وجل- ويتسلح بإيمانه وبآيات القرآن الكريم. وأن الإسلام دين يتصف بكماله فهو من عند الله -عز وجل- وتشريعاته تضبط النفس، وتهذبها وترتقي بالإنسان، وتنهض بالحضارة وفي هذا المقال سنتحدث بموضوع من الأهمية بمكان حيث سنتناول الحديث حول آيات الرضا في القرآن الكريم بشكل تفصيلي، ونتحدث عن الرضا من منطلق ديني، ونتناول أثر هذا المفهوم المهم على حياة المسلم.
محتويات
الرضا بقضاء الله
قبل أن نذكر آيات الرضا في القرآن الكريم، ننوه أن البشر متفاوتون في أحوال حياتهم فلا سعادة مطلقة ولا حزن مطلقاً ولا حال دائماً؛ ومن هنا وجب على الإنسان أن يدرب نفسه على احتمال الشدائد والرضا بها والصبر عليها والاحتساب الأجر في هذا عند الله والرضا بقضاء الله وتجنب ما يقع به البعض من القنوط والسخط واليأس، والذي يزيد إلى كدرهم كدر، وإلى بلائه بلاء. الرضا لا تقتصر فقط على تحمل الأقدار الصعبة واجتناب الجزع على المصيبة، بل يشمل أيضا أن يرضى الإنسان بما قسم الله له من الرزق على اختلاف أشكاله، ويجنب نفسه براثن الحقد والحسد، وتمني زوال النعمة عن الغير، والتي تتولد بسبب عدم الرضا وجوع النفس واشتهائها ما ليس لها وعدم قنوعها بما لديها.
آيات الرضا في القرآن الكريم
ورد الرضا في عدة مواضع قرآنية منها ما اشتمل على رضا الله تعالى على عباده المؤمنين، والذي يجب أن يكون غاية وهدفاً أمام كل مسلم ومسلمة فبلوغ رضا الله هو غاية التمني ووسيلة النجا في الدارين، ولا يكون هذا الرضا إلا إذا اجتهد المسلم في تنفيذ أمر الله واجتناب نهيه في كافة شؤون الحياة، وفي كافة المسائل ومهما شعر الإنسان أنه يسير على طريق الاستقامة لا بد له أيضا أن يسأل الله تعالى رضاه، ويستغر عن ذنوبه، ويستعجل التوبة قبل أن يأتي يوم لا ينفع به المال، ولا يقي من عذاب جهنم والجزاء البنون. هذه بعض آيات الرضا في القرآن الكريم:
(قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ)
سورة آل عمران، آية: 15
(هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)
سورة المائدة، آية: 119
(وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)
سورة التوبة، آية: 72
(لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا).[٤] (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى)
سورة طه ، آية: 84
(جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ)
سورة البينة، آية: 8
(وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)
سورة التوبة، آية: 100
أحاديث نبوية عن الرضا
السنة النبوية هي ثاني مصادر التشريع بعد القرآن الكريم، ويجب على المسلم أن يأتمر بما أمرت به، وينتهي بما نهت عنه، ولا يكون هذا إلا بدراسة السنة النبوية الشريفة والحرص على العمل بكل ما جاء فيها وبما أن نجم مقالنا اليوم هو قيمة الرضا هذه مجموعة أحاديث نبوية شريفة عن الرضا:
عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: (كانَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- إذَا أرَادَ سَفَرًا أقْرَعَ بيْنَ نِسَائِهِ، فأيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بهَا معهُ، وكانَ يَقْسِمُ لِكُلِّ امْرَأَةٍ منهنَّ يَومَهَا ولَيْلَتَهَا، غيرَ أنَّ سَوْدَةَ بنْتَ زَمْعَةَ وهَبَتْ يَومَهَا ولَيْلَتَهَا لِعَائِشَةَ زَوْجِ النبيِّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، تَبْتَغِي بذلكَ رِضَا رَسولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-)
رواه البخاري ، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2688 ، صحيح.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (رضا الربُّ في رضا الوالدينِ، وسخطُهُ في سخطِهما)
رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن عبدالله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:1899، صحيح.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم-: (منِ التمسَ رضا اللَّهِ بسَخطِ النَّاسِ كفاهُ اللَّهُ مؤنةَ النَّاسِ، ومنِ التمسَ رضا النَّاسِ بسخطِ اللَّهِ وَكلَهُ اللَّهُ إلى النَّاسِ)
رواه الترمذي، في صحيح الترمذي، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2414 ، صحيح.
آيات قرآنية عن الرضا بالقضاء والقدر
الرضا بالقضاء والقدر مهما شعر الإنسان أنه شاق وصعب أمر مهم، فالمرء الساخط على حياته والغير راض بقدره سوف يجد نفسه دوما يبكي على الأطلال، ويتحسر ويشكو مما يسميه نصيبه أو حظه والبعض، حتى يمركز معاناته وكأنه المعاني الوحيد في هذا العالم، وكلما زاد تبرما بالحظ ولعنا له سوف يجد خناق الحياة يضيق به أكثر فأكثر. وهذه بعض الآيات القرآنية التي تتحدث عن الرضا بالقضاء والقدر:
(إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)
سورة القمر، آية: 49
(إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا)
سورة الطلاق، آية: 3
(وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولً)
سورة الأنفال، آية: 42
(عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)
سورة سبأ، آية: 3
ختاما تناولنا في مقالنا هذا الحديث حول آيات الرضا في القرآن الكريم ولا بد أن نحرص على فهم المعاني العظيمة التي تشير لها هذه الآيات، وعلى أن تكون هذه المعاني القرآنية رفيقة دربنا وشعار مختلف مراحل حياتنا، فمهما بلغ الإنسان ما يمكن أن يبلغ من المجد والنجاح لن يساوي هذا شيئا ما لم يكن مكللا بتاج الرضا وما لم يضبط الإنسان نفسه وشهواتها واندفاعها الذي لا يخبو لن يساوي أي تقدم يحرزه في حياته شيء في نظره، فنسأل الله دوما أن يكون الرضا ديدن أنفسنا وسبيل حياتنا.